
تعتبر الحضارة المصرية القديمة من أهم حضارات العالم القديم، إن لم تكن أهمها، وذلك لتكاملها من وجهة نظري، واهتمامها بكل الجوانب التي تمس الأسرة.
ولعل ما ذكره عالم المصريات سليم حسن في موسوعته الشهيرة “موسوعة مصر القديمة” الجزء الثاني يكشف لنا شيئا من ذلك:
نظام الأسرة وفق ما ورد في نصوص الأهرام
تشير نصوص الأهرامات إلى أن الآلهة توارثت بعضها البعض مثل البشر. وثبت ذلك من نصوص الأهرام، حيث جاء ما يلي: “”يا أوزوريس، أنت الابن الأكبر لجب، وبكره، ووريثه” ثم يقول: “هو ابني وحبيبي وحبيبي”” “المولود البكر لي، وهو الذي يجلس على كرسي جب، وهو الذي ارتاح له جب.” “وهو الذي وهبها لورثته قبل التاسوع الإلهي العظيم”.
وينص معنى هذا النص صراحة على نظام عائلي يظهر فيه الابن الأكبر بعد وفاته وريثاً لأبيه، رغم أنه من غير الممكن تحديد العصر الذي أصبحت فيه النصوص الهرمية قابلة للتطبيق بالضبط.
- الحوكمة والإدارة الرشيدة.. ملف العدد الجديد بمجلة الديمقراطية
- النحات العالمى جان آرب.. هل له أعمال في المزادات العالمية؟
ومهما كان الأمر فإن بعضها يعود إلى عصور قديمة أقدم من عصر بناء الأهرامات التي نقشت فيها، وبعضها حديث ومكتوب في عصر بناء الأهرامات من المستحيل أخذ هذه النصوص كأساس لمعرفة بداية تكوين الأسرة في عصر الدولة القديمة.
أهمية المحتوى النصي من الناحية القانونية
وأقدم وثيقة قانونية وصلت إلينا تتعلق بقانون الأسرة هي ترجمة حياة “المتن” العظيم الذي عاش في أواخر الأسرة الثالثة وبداية الأسرة الرابعة. وهو ابن “إنبو-“. “أم عنة”، الذي كان موظفا قضائيا، بينما كانت والدته تدعى “نبسنت”، وهو مطلع على تاريخ حياة هذا الرجل، يجمع معلومات مهمة جدا عن وراثة الممتلكات في عائلته.
- بيع مخطوطة ورسالة من كافكا فى مزاد ألماني بمبلغ 286 ألف يورو
- استقالة يوسف زيدان من "تكوين" بسبب خلافات مع إسلام البحيرى
- لو بتحب تقرأ عن الموسيقى.. 5 كتب تفهمك فن الطرب
ويبدو أنه ورث جزءاً من أملاك والده، وهي أرض ومزارعيه ومواشيه. ويقول: “لقد تنازل الموظف القضائي ابن إم عنخ عن أملاكه، ولم تكن محتوياتها تشمل الحبوب أو الأثاث المنزلي، بل شملت المواشي والفلاحين”.
أما والدته نبسنت، فقد كتبت وصية لأولادها كانت حصة المتن فيها 150 يورو من الأرض. ويعتقد البروفيسور موريه أن المتن أعطى لأولاده 12 شفقاً من طينته خلال حياته. والحقيقة أننا لا نعرف بالضبط من هم أبناؤه، باستثناء ابن واحد ذكرناه بشكل عابر، وهذا ليس مستبعداً لأن أبنائه الآخرين كانوا من الإناث. وهذه المعلومات كافية لوصف الوضع القانوني للأسرة في أواخر الأسرة الثالثة.
مساواة المرأة بالرجل في عهد الأسرة الثالثة
أولاً، نرى أن والدة المتن تصرفت في أموالها بحرية كاملة، إما بالوصية أو بالهبة، مما يدل على أنها كانت تملك السلطة القانونية المطلقة في يدها، ولم تكن تحت ولاية زوجها ولا تحت ولاية ليست لها ابنها أو أي شخص آخر، وكذلك لم يختلط مالها بمال. ولم يسمنا “المتن” زوجته في النقوش الموجودة على قبره، مما يوحي بأنها كانت مستقلة عنه قانونيا، ومن المحتمل أنه كان لها مكان دفن خاص وطقوس خاصة.
- الحوكمة والإدارة الرشيدة.. ملف العدد الجديد بمجلة الديمقراطية
- النحات العالمى جان آرب.. هل له أعمال في المزادات العالمية؟
- لو بتحب تقرأ عن الموسيقى.. 5 كتب تفهمك فن الطرب
المساواة في الميراث بين الأبناء
وهنا يلاحظ أننا لم نرى أفضلية خاصة للابن الأكبر أو حق الميراث للأبناء، لكن في المقابل لم يذكر لنا “المتن” أنه الابن الأكبر، ولم يذكر لنا إخوته وأخواته من الذكور والإناث، وهذا طبيعي لأن ماله لم يختلط بأموالهم. ونستنتج من ذلك أن الأبناء ورثوا ممتلكات والديهم بالتساوي، دون تمييز في حصصهم. وهذه النتيجة تظهر لنا شرعيتها إذا علمنا أن المتن بدوره أعطى أولاده أملاكه من دون التمييز بين الذكر والأنثى.
- الحوكمة والإدارة الرشيدة.. ملف العدد الجديد بمجلة الديمقراطية
- تخليداً لذكراها.. وضع لافتة عاش هنا على منزل الفنانة مديحة كامل
- إخوان الصفا.. لماذا كل هذا الغموض؟
لدينا وثيقة من أحد عظماء عصر خوفو تثبت حق الرجل والمرأة في وراثة ممتلكات أبيهما. وأعني بذلك وصية الوزير والأمير ني كاو رع ابن خوفو، لأنه على عكس ما أورثه لزوجته، قام بتقسيم الممتلكات بين أبنائه في وصية بالتساوي تقريبا، بحيث أعطى كل منهم من أبنائه ثلاث تركات، وأعطى بنتا وابنا آخر لا نعرف اسمه، تركتين منهم. ومن هذا النص الأخير يصبح نظام الميراث بين أفراد العائلة المالكة منظما وفقا للأصول من الحقوق العامة.
موسوعة مصر القديمة