
واليوم نواصل الوقوف مع كلام الإمام القرطبي في تفسيره المعروف بـ “الجامع لأحكام القرآن وبيان ما فيه من السنة والفرقان”، ونقرأ ما قاله وفي تفسير سورة البقرة في الآية 15 (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون).
يقول الله تعالى: الله يستهزئ بهم، أي ينتقم منهم ويعذبهم، ويسخر منهم لسخريتهم، وهكذا سمى العقوبة باسم الإثم، وتستخدمه العرب كثيرا في كلامهم، كقول عمرو بن ثقافة:
- الثقافة: افتتاح متحفي "نجيب محفوظ وطه حسين" بالمجان وخصم 50% على الإصدارات
- اتكلم عربى .. 5 كتب في عنوانها "اللغة العربية"
- دار الكتب والوثائق تستقبل ملخصات بحوث أدب الطفل.. اعرف المحاور والشروط
لا أحد يجهلنا، لذلك نحن جاهلون أكثر من جهل الجاهلين
- بدء أعمال ترميم تمثال أبو الهول بالحديقة المتحفية بمنطقة آثار ميت رهينة
- اتكلم عربى .. 5 كتب في عنوانها "اللغة العربية"
[ص: 201] وسمى انتصاره بالجهل، والجهل ليس شيئاً يمكن أن يفتخر به إنسان عاقل. بل قاله بل مضاعفة الكلمات لتكون أهون على اللسان من أن يكون التناقض بينهما متساويا في كلمة جوابا لها وأجرا، سموها بكلمة واحدة، وإن اختلف معناها. منه، وعلى هذا الأساس جاء القرآن والسنة.
قال الله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثل هذه، وقال: من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، فلا يكون جزاء سيئة ولا قصاص. لن يكون اعتداء. فإنه حق وواجب ومثله: وكيدوا ومكروا على الله ويمكرون ونحن فيهم مستهزئون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يشرك» لا تتعب حتى تتعب فهو يمل حتى تمل. وقيل: حتى بمعنى الواو، أي «وتملوا». أنه لن ينقطع عنك أجر أعمالك حتى تتوقف عن العمل. قال بعض الناس: إن الله عز وجل يفعل بهم أعمالا هي في نظر الإنسان استهزاء وغش وخداع، على ما قيل أن النار تتجمد كما يتجمد الشفق، فيمشون عليها ظنا منهم أنها دواء للخلاص، فيقولون: يظلمهم عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: الله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا. قادتهم في الكفر – كما تقدم – قالوا: نحن معك في دينك، ما نحن إلا نسخر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويسخرهم الله في الآخرة، يفتح لهم باب جهنم من الجنة، فيقال لهم: تعالوا فيسبحون في النار، فيكون المؤمنون والمقاعد – وهي الأسرّة – في الممر، ينظرون إليها، فإذا دخلوا الباب تعالي، يحجبهم، ويضحك منهم المؤمنون، هذا قول الله تعالى: الله يستهزئ بهم، أي [ص: 202] ومن بعد ذلك ويضحك منهم المؤمنون إذ أغلقت أمامهم الأبواب. وهذا قوله تعالى: اليوم يضحك الذين آمنوا من الكفار على الأرائك، وينظرون إلى أهل النار ماذا فعلوا؟
يقول الله تعالى: ويمددهم أي يمد لهم الأجل ويمهلهم ويملي عليهم، كما قال: إنما نملي لهم ليزدادوا إثما، وأصله. هو زيادة قال يونس بن حبيب: يقال: “مد لهم في الشر”، و”مد لهم في الخير”. قال الله تعالى: “وأمددناكم بأموال وبنين”، وقال: “ورزقناهم من الثمرات”. ولحم مما يشتهون، وعن الأخفش قيل: بسطته له حين تركته، وبسطته حين أعطيته، وعن الفراء. اللياني: اتسعت، وكانت زيادته مثلها، وقيل: النهر مد النهر، وفي الوحي: والبحر اتسع بعده سبعة أبحر، واتسعت، وكانت زيادته من وغيره كقولك: بسطت الجيش بالمؤن، ومن ذلك: يبسطك ربك بخمسة آلاف من الملائكة، ويبسط الجرح؛ لأن الدهر لشيء آخر، أي أنه صار دوراً.
قول الله تعالى: في طغيانهم: كفرهم وخداعهم، وأصل تعدي الحد، ومن ذلك قوله تعالى: إن الماء إذا فاض معناه أنه ارتفع وارتفع فوق القدر الذي الخزان. قياس. وقوله في حق فرعون: “لقد طغى”، أي فرط في دعواه، إذ قال: أنا ربكم الأعلى.
- افتتاح معرض أجواء لـ15 فنانًا تشكيليًا بجاليري بيكاسو إيست
- علا الشافعى بندوة إحياء ذكرى خالد خليفة: كان ملاذا لى وأثره فى حياتى كبير
[ص: 203] ومعنى الآية: يطيل في أعمارهم حتى يزدادوا طغياناً، فيزيدهم العذاب.
- انطلاق أولى ليالى رمضان الثقافية بالإسماعيلية على أنغام السمسمية
- لماذا كتب الشاعر مفدى زكريا ديوان إلياذة الجزائر؟
- علماء الآثار يخفون اسم الموقع.. العثور على سيف مرصع بالذهب والفضة ببريطانيا
يقول الله تعالى: يعمى ويعمى، وقال مجاهد: أي يترددون ويتحيرون بسبب الكفر، وقال أهل اللغة: عم الرجل يعمي عمها وعمه، فهو عمه. عم. وعمه إذا كان متحيرا، ورجل من عمومه وعمومه يقال: متحير متردد، وعمه يجمعها، وعمي ناقته إذا لم يدري إلى أين يتجه فلا يعمى في العين، إن العمى في القلب وفي الوحي: فإنه لا يعمى الوجه، ولكن يعمى القلوب التي في الصدور.