
إن الفلسفة الوجودية المادية قامت لتؤكد على دور الإنسان في اختيار مصيره… فلا يستسلم لكل ما يأتي في طريقه… بل يخرج لمواجهة هذا العالم الشرس… بحثا عن الحقيقة. الذات.. وما الفكر الذي يمكن تطبيقه من حيث مصلحة المجتمع.. هذا ما سبق أن كتبت عنه عام 2008.. تحت عنوان “الوجود والجوهر.. فاروق حسني بين عالمين”، عندما مصر قدم فاروق حسني ك مرشح لمنصب المدير العام لليونسكو. وأشرت فيه حينها إلى ما قدمه فاروق حسني لوطنه.. لسنوات طويلة في الخارج والداخل.. اختار خلالها أن يحتفل بمنصب أو يستفيد من امتيازات المنصب العام ويخفي فيه المجد … ويكتفي بما قدمه له المصنف في وجود مادي تقليدي … لا يتجاوز نطاق الظاهرة الجغرافية في جسده.. فاروق حسني لم يكن له القدر ولا الحظ ولا الموهبة والتعليم ولا فالإخلاص الذي اجتمع فيه كله لا يأتي بشيء.. لقد استخدمها كلها على أفضل وجه… لدرجة أنه لا تكاد تخطر على ذهن الإنسان فكرة… إلا ويجد أنه قد قدم منذ سنوات. تجددت معركة الوجود والوجود.. مساء احتفال إعلان جوائز مسابقة مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون الدورة الخامسة هذا العام.. بعد غياب الفنان الكبير الحفل الشخص الذي دعا.. لكن كعادته صاحب رؤية مختلفة.. رفض أن يشارك فرحة “جيش الشباب المبدع في الفن” كما أسماهم وسط اعتراضات ومخاوف من ذلك. الحفل لن يكون على قدم المساواة. مقبول. أدرك فاروق حسني أن ما فعله بحماسة ومهارة لا بد أن ينجح ويستمر. قام بإنشاء مئات المشروعات والفعاليات في كافة المناصب التي شغلها… عندما كان مسئولاً عن ثقافة مصر وآثارها في المجتمع الثقافي المصري والعربي والعالمي حتى اليوم وقد مرت أكثر من عشر سنوات على توليه الوزارة.. فماذا عن مؤسسة ثقافية تقيم فعالية فنية… ولم يمر على غيابه إلا يوم واحد. بسبب وعكة صحية رحمه الله. كان عليه أن ينجو منها.. ونجح الاحتفال ومضى بوتيرة ممتازة واكتسب مكانته المؤثرة في أوساط شباب الفن والمجتمع الثقافي والحضور الإعلامي. إن الجوهر الذي وضعه فاروق حسني في مؤسسته يفوق مجمل الحضور المادي للأحزاب الأخرى التي لم تترك أثراً ولا تنال علامة الجودة. كما أنهى فترة وزارته بالتبرع بمشروعات حضارية لمصر، فيما عرف وقتها بمشروع “حالة الثقافة” الذي أنشأه ليعيد دورة السياحة العالمية لمصر مرة أخرى… وها هو مرة أخرى إعطاء مصر مؤسسة ثقافية وفنية رفيعة المستوى تضع مقياساً للعمل الفني الجاد… طريق للشباب المبدع الذي ينمو كل يوم هنا يجب على الشخص المسؤول أن يفكر ملياً قبل كل وظيفة يقدمها… ويتأكد انه لا يفعل ما العام وليس من عادته… بل يفكر ويتأمل ما يمكن أن يقدمه من جديد. من أجل وطنه ونفع المجتمع.