"فُتات" قصة قصيرة لـ شيماء بن عمر

يعرف أن هذا التصرف له اسم… لكنه لا يجده… ما هو؟؟

إنه شيء غريب ومزعج.. شيء يشبه السعادة عندما نعتقد أن السعادة يمكن أن تتخفى في ثوب أنيق من الإساءة والتلاعب والسموم..

فهو يعلم جيداً أن الحظ جاء يوماً على هيئة ألد أعدائه..

حسنا، ما كان ذلك مرة أخرى؟!

اها…انها..فتات..!!

أسوأ أنواع السعادة تأتي في غرف كبيرة وأنيقة تناسبك وحدك دون كل الوجوه… حيث يتم تقديم أفضل أنواع النبيذ الإيطالي وأشهى أنواع الخبز الفرنسي…

نعم هذا هو أفخم أنواع الفتات…

كسرة لا تسمن ولا تستغني من جوع…

قد يبقيك على قيد الحياة… أو في غياهب النسيان… أو أي قيد يمكن أن يبقيك تحت السيطرة…

لكنك في منتصف حلقة مفرغة وتريد أن تتخلص أخيراً من متلازمة الانهيار بعد سنوات من العبث…

أنت مرن.. أو هكذا تظن..

الجوع بدأ يؤثر عليك الآن أكثر من أي وقت مضى… جسدك منهك وعلى وشك الانهيار… أنت محتار… غير قادر على التركيز ودفاعاتك بدأت تنهار…

أنت تتضور جوعا من القلق والحزن وخيبة الأمل… هل هذه مجرد أعراض انسحاب حادة حتى يعود كل شيء إلى حالته الأصلية؟ أم أن هذا هو ما ستبدو عليه حياتك إلى الأبد؟؟؟

السؤال الأخير أثّر عليه بقوة لدرجة أنه اعتذر عن الاستمرار في شرب القهوة… لفت انزعاجه ورحيله المفاجئ انتباه الجميع بطريقة غير معتادة… ربما لأنه كان صامتاً معظم الوقت.. راضياً بما مضى وزهد في كل ما سيأتي..

يقولون دائمًا أنه مهذب وهادئ ومتماسك. فهو يعلم أن هذه مجرد تسميات خيالية يستخدمها في حضوره بدلاً من المصطلحات الحقيقية مثل غير مثير للاهتمام…ممل…وربما كئيب…

لنفترض أنها مجرد بعض المحاولات الروتينية لوضع السم في العسل.

لكنه الآن أمام قرار مصيري… إما أن يعود ليكتفي بالفتات الذي يلقى عليه بين الحين والآخر ويبقيه محصوراً في المنتصف، أو… ذلك المكان الذي ذكره دانتي في خطرت على بالي الكوميديا الإلهية…ماذا كانت؟؟

هذا هو الدهليز الذي تُحفظ فيه الأرواح حتى تُنسى… ليسوا من أهل النار ولا يستمتعون بالجنة… آه… هذا هو الليمبو!

فقرر… ألا يكون ضحية الليمبو ولن يرضى بالفتات من اليوم!!!

لن يقبل بأقل مما يستحق، حتى لو كان ذلك يعني أنه سيموت بعنف… ليس سيئاً على الإطلاق أن يموت الإنسان فخوراً…

ولمعت في ثنايا رأسه فكرة لامعة وهو يرفع ذراعه إلى الطريق، ويكرر بحماس: تاكسي!